بطلي

حتى حين يكون جسده هنا، لا أعرف في أي عوالم تهيم روحه، ولم أعرف كيف تمكن من نفض هذا الجسد بما عليه من فتات العصور، وجعله سريراً تستلقي فيه الروح العائدة من الطواف.
.
جسده الضئيل مثل ابتسامة، الذي ابتدأ منذ زمن رحلة السير في ذاته، يطوي كل يوم صفحة من صفحات الكون، تنكمش فيه حتى تغدو شرارة حس، يطلقها في عتمة العالم اليائس.
.
عادة لا أصدق من يقول أنه جاء لأجلي، فكيف بمن يبدو كأنه خلع للتو رداء التخفي وظهر هنا، يحكي ساعاتٍ عن نشوة انتشاله بيد الله من قاع الألم، مازلت لا أصدق، لكنه بسهولة يمد نظره في الفراغ الفسيح ليرى انعكاس نبوءاته العبثية على وجهي، ويصيب دائما.
.
بطلي، كان يعرف أن رفقاء التسكع يصيرون أقرب وأقرب دون أي تدخل منا، الخطى في ليل دمشق تحت أعين أعمدة الإنارة، أمام المسارح التي ترقص عليها أكياس النايلون، برفقة الريح وأوجه المارة العائدين للبيت، رقصة طويلة في مدار الصرخات التي تعالت من داخلنا، الأجوبةُ البسيطة وهي تنساب على هيئة موسيقا، تطير عن أجنحتنا الهواجس والمتاعب، والأحزان يطحنها هبوب صوت الحب.
.
بينما كلمة “أحبك” تجوب العالم عبر الألسنة، يتلاشى هو مثل كتلة ضوء في الحب، يحيل الخوف دموعاً ويبتلعه، يوحّد وجهه مع كل الوجوه في كل المرايا، يلتقط الرسائل العابرة بين الكواكب والعوالم، ثم يختار غريباً غريقاً ويدق قربه طبل النجاة. النجاة بالحب.

 

مروة ملحم

Leave a Reply