كنتُ مع الرّيح

كنت أتّكئُ على بيتِكِ في الدّلالة،
وكنتُ أسكنُ قبلَ بيتِكِ بإسمنتَ مُسلَّح..
شُرفتي بشفاهٍ مكسورة،
أُطلُّ على حقلِ اعتذاراتٍ طويل..
أطلُّ على مُسوّدات خريف..
وكانَ الرّيفُ يتهدّجُ بِفِعلِ الرّيح..
واللّوزُ ينصِبُ فِخاخَه لِما يُثيرُ التّصوّر..
وحيدةً، تسترجِعُ آثارُ الأقدامِ ذكرياتِها
قمرٌ يشهقُ بحميميّة أمٍّ تتفقّدَ غطاءَ أطفالِها النّيام
والكائناتُ تُهدهِدُ نومَها وتُمسِّدُ وسائدَ للفراغ..

بوقُ الرّيحِ ينفُخُ حُنجرَتَه
بكلِّ ما في صدرِ الضّيعةِ من صمتٍ
أخفَّ من هواء
أثقلَ منَ الرّيح..

نافذتي،
يُخرمشُ النّيونُ زجاجَها من الدّاخل..
هِرَرَة الأفكار تظنُّ الرِّيحَ كبكوبَ صوف،
ويُعجبُها ذلكَ إلى درجةِ أن تبرد..

كنتُ،
هرًّا وحيدًا في الخارج
ولا موقفَ لي مِن عواءِ الرّيح..
كنتُ أدَّخِرُ المواء
كيْلا أجفِلَ الرّيفَ المُستكين..

الطّيور ترفَعُ سحّابَ كيسِ نومِها،
تُعدُّ الشّايَ بالقِرفة
وتكوي طيرانَها تحسُّبًا لصحوٍ قد يطرأُ غدًا

كادَ النّومُ أن يرتدي جواربَهُ الصّوفَ
ويخلدَ إليَّ..
لكنَّ هرهرةً ما أيقظتْه..

وكنتُ مع الرّيحِ
نقصُّ السَّمعَ على مناماتِ الجيران،
نتفقّدُ ضفائر بناتِ الحارة..
ولَم يتعبنا شيء

البحرُ والرّيح،
انفصلَا –قديمًا- من علاقةٍ بائسة..
وكلَّما أفرطَ في الشّراب
أثارَ كلَّ هذه الجلبة:
“أحببتُكِ،
أحببتُكِ ولو للحظة..
رقصةً واحدةً بعد
كرمى لما كان بيننا”

 

علاء عودة

Leave a Reply