عن الاكتئاب

 

من حسن الحظ أنني مصاب بالاكتئاب ، فالآن أرى الأشياء على حقيقتها أو على الأقل أرى دمشق كطفلة صغيرة تحبو و تضحك و أضحك أنا معها .

و من حسن حظي أنني غير مكترث الآن بأصوات الانفجارات لا أسمعها و لا تقترب مني و مقبرة عائلتي باتت مكان مناسب لتقوية صلات الرحم و لوضع الزهور في مكانها الصحيح ..

و من حسن حظي أنني أعي الآن الموسيقى الصادرة من عقارب الساعة تخبرني عن الوقت تيك تاك تيك تاك ، يقول المثل الدمشقيّ ”

” الوقت كالسيف اذا لم تقطعه قطعك ”

لكن من حسن الحظ هذه المرة أن الوقت قطعني و بات بعيداً عني و أنا بجرأتي المعتادة أوقفه هنا حيث لم تبدأ الحرب .. و لم يبدأ الندم .

الندم جميل و الألم أجمل لأنهما قادران على نحت ذاتنا لتبدو أجمل كقطعة موسيقية و أعتقد أن معزوفة الفصول الأربعة لبيتهوفن أتت من هنا .

ليلة البارحة كانت عنيفة جداً ..

دقات قلبي تتسارع و تتباطأ ، عرق بارد و ساخن ، ألم في معدتي و غثيان ، صداع في رأسي و خدر في يدي اليسرى حيث يقبع قلبي و آه من قلبي ..

كنت أعتقد أنها أعراض جلطة أو أزمة قلبية و كما كلّ مرة هرعت للمشفى لأسعف نفسي فأخبرني الطبيب أنها أعراض وهمية ..

و من حسن الحظ أنني أعيش في وهمي و أجمح في خيالي بعيداُ .

عذراً عزيزي القارئ لقد تحدثت كثيرا و ذلك ليس من صفات الاكتئاب لكن بعد أن استمتعت بالصمت وقت طويل حان وقت التحدي ..

و كما كل مرة أنت الشاهد و الحكم فلتكن منصفاً .

هامش :

و أنا أكتب عن العادة

سحرتني وردة

و قطرة مطر

استيقظت من نومي

و بدأت أترجم العادة .

 

رامي الخيّر

 

 

Leave a Reply